من المعلوم أنَّ سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام استأثر بحيزٍ كبيرٍ من اهتمامات الكتَّاب والباحثين الذين وجدوا ضالتهم في البحث عن الأسرار الكثيرة والعجيبة التي أحاطت بشخصيَّته، وحيث أنَّ أهدافهم اختلف بحسب نيَّاتهم، فمنهم من كتب عنه رغبة في الثواب وسعياً لإظهار آثاره التي تخدم الانسانية فضلاً عن الاسلام، ومن الناس من كتب عنه ليحاول اخفاء الواقع وتدليس الحقائق التي لطالما ذكرها القرآن الكريم، والروايات الشريفة، وآخرون كتبوا لا حباً به وإنما لبيان حقائق علمية ظهرت بارزة في كلماته عليه السلام، واحتار البعض الآخر لبلاغته فساقه شوقه للبحث في كنه معرفته فكتب عنه، ولا يخفى أنّ من الناس من كتب ليكون خالداً في كلماته التي تشَّرفت برسم معالم للناس ليهتدوا وفق منهج علوي مبارك في مسيرتهم نحو الهداية والصلاح، وقد يكون هناك أهداف كثيرة غير ما ذكرنا للكتابة عن شخصيةٍ خصه القرآن بالكثير من الآيات في تفسيرها ودلالاتها.

 أما سبب كتابة هذه الفصول التي اجتمعت في هذا الكتاب، فكان لدفع بعض الشبهات التي سمعتها على لسان بعض أهل العلم والمعرفة، ومن أهم هذه الشبهات العديدة شبهة اطلاق لقب أمير المؤمنين على الكثير غير علي بن أبي طالب عليه السلام، فلما استمعت من أحد أساتذة النحو والصرف وهو يكرر لفظ أمير المؤمنين ويطلقها على الكثير من الحكام ومن على منصة المحاضرة العلمية تعجبت لذلك، وحاولت معالجة الأمر بتوجيه السؤال إليه عن جواز اطلاق لقب أمير المؤمنين على غير علي بن أبي طالب؟ فكانت الاجابة القاسية منه_ إذ بيَّن جواز ذلك وحاول ارضاءً لبعض الحضور التأكيد على أسبقية البعض بهذه التسمية قبل أمير المؤمنين عليه السلام، فأدركت أنَّ هذه الشبهات كثيرة عند أهل العلم فكيف بغيرهم، فاجتهدت أياما وشهوراً وأنا أحاول أنْ أخلص إلى عملٍ يمكن أنْ ينفع العامة والخاصة، فهداني الله تعالى إلى حسن الاختيار بأن أكتب في الانفراديات، وهي بعض أهم ما اختص الله به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.